لا أحد يمكنه إنكار قوة البروفيسورة مارغريت نيل- مدرسة إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد، حتى إن بعض الطلاب يخشون مناقشتها، ليس لأنها تستغل نقاط ضعفهم في فن التفاوض فقط، بل لإتقانها هذا الفن باحتراف أيضاً. وتبدأ نيل ندواتها ذات الإقبال الواسع بشرح سلبيات عدم التفاوض، إذ إن الافتقار لهذه المهارة قد ينتج عنه سنوات من العمل الإضافي، لمضاهاة رواتب أولئك الذي يتقنون فن التفاوض. وللأسف، فالنساء هنّ أكثر من يعاني من هذه المشكلة، ولهذا تقضي البروفيسورة نيل جزءاً كبيراً من وقتها في إدارة برنامج تدريب النساء القائدات في جامعة ستانفورد.
لقد أجريت مؤخراً لقاءاً مع البروفيسورة نيل، حول مهارات التفاوض لدى النساء وكيفية تطويرها. إليكم أبرز ما جاء فيه:
لماذا ينبغي على النساء أن يتقنّ التفاوض؟
أجرت لندا بابكوك دراسة في كتابها: "النساء لا يسألن" لتجد أن هنالك فرقاً في قيمة الرواتب قدره أكثر من 7.6% بين النساء والرجال من حملة الماجستير في إدارة الأعمال. وهنالك الكثير من المقالات والبحوث في هذا الشأن، إلا أن معظم اللوم يقع على المؤسسات لتفرقتها العنصرية بين النساء والرجال. وتتساءل لندا في كتابها عما إذا كان هناك بُعد آخر للمشكلة، بطرحها للسؤال الآتي على الأفراد: "عندما تلقيت عرض العمل الأول، هل حاولت أن تفاوض رب العمل على قيمة الأجر؟" فوجدت أن 7% فقط من النساء حاولن التفاوض، بينما ارتفعت النسبة إلى 57% بين الرجال، كما أن أولئك الذي تفاوضوا على قيمة الأجر تمكنوا من رفع قيمته بنسبة 7% أو أكثر. ويمكننا أن نستنتج من ذلك، أنه لو تفاوضت النساء كالرجال لقل الفرق كثيراً في قيمة الأجور بين الجنسين.
إن بعض طلابي يجدون أن الزيادة الضئيلة التي ستضاف إلى رواتبهم إن تفاوضوا عليها، لا تستحق التفريط بسمعتهم، وهذا صحيح؛ فالمبلغ قد لا يستحق العناء، ولكن الأمر لا يتعلّق بهذا المبلغ فقط، فعلى فرض أن زميلك في العمل تفاوض وأخذ هذه الزيادة، تخيل بعد 35 عاماً من الترقيات والزيادات كم سيكون الفرق بينكما. إذاً هل يستحق ذلك المبلغ أن تتفاوض من أجله أم لا؟
حين تحاول النساء التفاوض، فما هي أكثر الأخطاء التي يرتكبنها؟
أكبر خطأ هو أنّهن لا يحضّرن أنفسهنّ للأمر، وفي الكثير من الأحيان لا تكون المرأة على علم بقدر الزيادة التي تريدها ولماذا، وهكذا تفشل في إقناع رب العمل باستحقاقها لها.
وهناك مشكلة أخرى، هي أن النساء عادة ما تكون توقعاتهن متدنية. وما من شك أن التوقعات الأقل تسفر عن نتائج أقل؛ لأن توقعات المرء وطموحاته هي ما يشكّل تصرفاته آخر الأمر.
كيف ينبغي على النساء التفكير بالتفاوض بما يختلف عن الرجال؟
النساء عادة ما يقلقن بأن تتعرض سمعتهن للخطر جراء التفاوض، وهنّ محقّات في هذا؛ فالبحوث تظهر أن المرأة إن تفاوضت مع رب عملها على قيمة الراتب، فستواجه عواقب سلبية جراء هذا الأمر على عكس زملائها الذكور. أنا أحث النساء على أن يركّزن على الأسباب التي تدعوهنّ لطلب الزيادة، مثل خبراتهنّ ومهاراتهن.
هل يحسّن التركيز على مهارات المرأة من توقعاتها؟
النساء لا يتقنّ التفاوض بالدرجة التي يتقنها الرجال لأن توقعاتهن مختلفة، إلا أنهن يتفوقن على الرجال في التفاوض التمثيلي، أي التفاوض نيابة عن أحد ما. وبوصفي امرأة، ليس من المقبول أن أطمع بالمزيد لنفسي، ولكن من المقبول تماماً أن أتفاوض من أجل شخص آخر. وقد عرضت عليّ الكثير من المديرات أن يتفاوضن من أجلي، إلا أنهن وجدن صعوبة في أن يطلبن زيادة على الأجر الذي أتقاضاه. لذا، على المرأة أن تسأل نفسها: كيف يمكنها التفاوض من أجل الحصول على زيادة.
ما هي أهم النصائح التي تسدينها للمرأة عندما تتلقى عرض عمل؟
· تحديد مقدار الزيادة أو الهدف الذي تريد تحقيقه من وراء التفاوض.
· الاستعداد وجمع المعلومات قبل التفاوض.
· الحرص على وجود خيارات واحتياطات أخرى ليكون الموقف أقوى وأكثر ثقة عند التفاوض.
هل لديكِ نصائح أخرى لقرائنا؟
نعم، على الناس- والنساء بوجه خاص- أن يغيروا مفهومهم عن التفاوض ويجدوا طرقاً أكثر إبداعاً لإقناع الطرف الآخر بمطالبهم. وهذه 4 خطوات رئيسة للتفاوض:
1. التقييم: هل يمكنني التأثير على النتائج في هذا الموقف؟
2. التخطيط: كيف يمكنني التأثير على النتائج؟ ما الذي أطمح لتحقيقه؟ ما الذي يهم الطرف الآخر؟ لم اتخذ الطرف الآخر هذا القرار؟
3. السؤال: هذا هو ما أحتاجه لحل المشكلة، وهو أمر يرضينا نحن الطرفين.
4. تقديم العرض: قدّم كل المعلومات التي جمعتها، ولا بد أن الطرف الآخر سيتوصل إلى تسوية للمشكلة.